أقرأ قوانين المـ و ـنتدى {من هنا}

هذا الموضوع حاصل على (وسام الموضوع المميز)
آإلــــمسلموووؤووون ~~~~ 6452_11246931939

تم التعديل من قبل jenny murphy
_________________________________________
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،

نشأت في أسرة مصرية ميسورة الحال، وقد منّ الله عليها بحسن المظهر، وكانت ترغب في الالتحاق إما بكلية الحقوق أو بكلية الفنون الجميلة. ولكن مجموعها لم يمكنها من الالتحاق بأي منهما، فقررت الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، ومن هناك التقطها صانعو السينما حيث اشتهرت كواحدة من أنجح ممثلات جيلها. تقول الإنسانة شمس البارودي أن جميع الأدوار التي كانت تعرض عليها كانت تركز على مظهرها الذي وهبها الله إياه، مما كان يسبب لها شعور داخلي بانفصام في الشخصية.

وربما لا يعرف الكثيرون أن شمس البارودي كانت تبتعد عن التمثيل لشهور طويلة وترفض جميع الأدوار التي تعرض عليها بسبب نفورها من اعتماد المنتجين والمخرجين على مظهرها الخارجي. وبما أنها كانت تنتدرج من أسرة ميسورة الحال فكان يسهل عليها الاستغناء عن الفن وعن عوائده حتى يظن الناس أنها قد اعتزلت الفن. ولكن في أحيان كثيرة كانت أضواء الفن تستدرجها مجدداً فتعود إلى أداء بعض الأدوار ثم ما تلبث أن تحتجب من جديد، حتى أرسل الله لها الإنذار الأول.

في هذه الفترة قرر زوجها حسن يوسف، وكان يعمل ممثلاً هو الآخر، قرر أن يذهب لأداء العمرة. وكانت شمس ترغب في أن تذهب معه، ولكنها كانت تعتقد خطئاً أن عليها أن تلتزم بالحجاب بعد العمرة، ثم خافت على ابنتها أن تتأثر دراستها لو أنها ذهبت لأداء العمرة وتركتها وحدها فقررت أن تبقى معها. ذهب إذن حسن يوسف لأداء العمرة وبقيت شمس مع أولادها، ولكن ابنتها أصيبت بنزلة شعبية حادة ولزمت الفراش، ثم انتقلت العدوى إلى ابنها ومنه إلى شمس نفسها وكانت فترة حرجة جداً على الجميع.

في العام التالي، وتحديداً في شهر فبراير 1982 قررت شمس أن تذهب بصحبة والدها لأداء العمرة. وكانت المرة الأولى التي ترتدي فيها الثياب البيضاء دون وضع أية مساحيق على وجهها، بعد أن كانت ترتدي أحدث الأزياء من أفخم بيوت الموضة في الداخل والخارج. وكان لهذه الثياب البيضاء وقع جميل على قلب شمس إذ أحست بهدوء وسكينة وكانت المرة الأولى التي تسافر فيها خارج البلاد دون أن تقلق على بيتها وعلى أولادها حتى أنها كانت دائماً ما تأخذهم معها في سفرياتها.

مكثت شمس أياماً في المدينة ثم في مكة، وبدأت تقرأ المصحف بإصرار على ختمه لأول مرة خلال هذه الأيام. لم تكن تفهم كل ما تقرأ ولكن وقع كلام الخالق كان جميلاً على القلب، حتى أن فكرة الحجاب بدأت تراودها لأول مرة بهذه القوة. وكأن الله قد سمع الصراع الذي بداخلها، وكيف لا وهو يعلم السر وأخفى؟! في هذه الأثناء كانت شمس جالسة في الحرم المكي، فتقدمت إليها أخت مصرية تعيش في الكويت اسمها “أروى”، جلست معها قليلاً ثم استأذنتها أن تقرأ عليها بعض أبيات الشعر التي كتبتها بنفسها، فلما أذنت لها شمس بدأت أروى تقرأ الأبيات التالية:

فليقولون عن حجابي … لا وربي لن أبالي
قد حماني فيه ديني … وحباني بالجلال
زينتي دوماً حيائي … واحتشامي هو مالي

وقعت الكلمات على قلب شمس كالصاعقة، فانفجرت في البكاء مع كل كلمة ومع كل حرف. ثم قامت شمس بأداء العمرة لأخت لها من أبيها كانت قد توفيت، وبعد عودتها إلى الغرفة لم تستطع النوم، وأحست كأن هموم الدنيا تكتم أنفاسها، فطلبت من أبيها أن تعود إلى الحرم، فاصطحبها أبوها إلى الحرم حيث بدأت بالطواف تحية للمسجد. تقول شمس أنها في أول شوط من الأشواط السبعة وجدت نفسها أمام الحجر الأسود دون مشقة ولا عناء، وفجأة وجدت الدموع تنهمر من عينيها ولسانها يكرر دعاءً واحداً لا غير، وهو قوة الإيمان لها ولزوجها ولأولادها ولأهلها.

تكرر ذلك الأمر معها في كل شوط من السبعة، ففي كل مرة تصل إلى الحجر الأسود والدموع لا تنقطع من عينيها والدعاء كما هو، قوة الإيمان لها ولزوجها ولأولادها ولأهلها. استمرت شمس تدعو بنفس الدعاء طيلة الأشواط السبعة حتى انتهت إلى مقام إبراهيم فصلت ركعتين قرأت فيهما الفاتحة وكأنها تقرأها لأول مرة في حياتها، استشعرت فيها معان ودفء لم تشهده من قبل. ثم تكرر نفس الشيء في الحجر، وكان ذلك كله قبل صلاة الفجر مباشرة، ثم ما لبث أن أذن الفجر، ووقتها تقول شمس أنها استشعرت أنها تبدلت وأصبحت إنسانة أخرى، حتى أن نبرات صوتها نفسها قد تغيرت.

منذ هذه اللحظة لم تخلع شمس البارودي حجابها. نسأل الله لها ولنا الثبات وحسن الخاتمة. أما أكثر ما استوقفني في قصتها فليس فعلها هي، إذ أن توبتها تبدو طبيعية كأي امرأة منّ الله عليها بالبصيرة فتيقنت من العلامات التي أرسلها سبحانه وتعالى لها وخضعت لها وهذا دون شك مما يحتذى به، ولكن فعل الأخت أروى فهو ما يستدعي الانتباه. انظروا أخوة الإسلام كيف كانت مبادرة أخت واحدة هي المحورية في اتخاذ شمس البارودي قرارها بالحجاب والالتزام. أحياناً يكون الإنسان في حالة صراع داخلي وفي أمس الحاجة لنصيحة في الله تحسم له صراعه، مثلما فعلت الأخت الفاضلة أروى عندما بادرت بقراءة أبيات الشعر عن الحجاب على شمس البارودي ومن ثم حسمت لها قرارها، فجزاها الله خيراً وجعله في ميزان حسناتها. وبالتالي لا تبخلوا أخوة الإسلام على من تستشفون في قلبه الخير، لا تبخلوا عليه بالنصيحة الصادقة الوجه لله لعلها تغير حياته إلى الأبد وتكون في ميزان حسناتكم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.